عدد 15 أيّار/مايو - 15 حزيران/يونيو 2023
العدد رقم 2
عدد تجريبي
Return of settlers to the northern West Bank after amending the disengagement law.
محررو العدد
رازي نابلسي
أحمد عز الدين أسعد
مجدي المالكي
سوسن سمارة
رامي الريّس

ملخص تنفيذي

أعدمت قوات الاحتلال الإسرائيلية خلال الفترة التي يغطيها التقرير 12 شهيداً في الضفة الغربية، معدل أعمارهم 25.7 عاماً، وكان من بينهم الشهيد الطفل محمد هيثم التميمي، ابن العامين ونصف، بعد أن استهدفت قوات الاحتلال المركبة التي كانت تقلّه هو ووالده الذي أصيب إصابة بالغة الخطورة. ومن المهم الإشارة إلى أن النيابة العسكرية الإسرائيلية لم تقدم أي لائحة اتهام ضد الجنود، واكتفت بخطوات "تأديبية". يضاف إلى ذلك 33 شهيداً استشهدوا خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بينهم 6 أطفال و3 نساء، وأصيب نحو 150 فلسطينياً من قطاع غزة. أما في مجال الاقتحامات التي تجري يومياً في فلسطين، وتتخللها اعتقالات، اعتقلت قوات الاحتلال في الفترة التي يغطيها التقرير ما يعادل 412 فلسطينياً. وفي مجال اعتداءات المستوطنين، استطاع المستوطنون تهجير التجمع البدوي عين سامية، بعد 5 أعوام متتالية من الاعتداءات على العائلات وأطفالها، وانتقلوا إلى مكان غير معروف.

يبرز في العدد الحالي من التقرير توجّهان أساسيان في السياسات الإسرائيلية العنصرية خلال الفترة التي يتناولها: الأول توجّه ميداني، إذ يسعى الاحتلال للعودة والاستيطان في شمال الضفة الغربية، وتحديداً في منطقة جنوبي نابلس وجنين؛ أما الثاني فهو توجّه قانوني واضح، ويهدف إلى التضييق على الفلسطينيين في أراضي الـ 48، وإعادة مظاهر الحكم العسكري. وبالعودة إلى التهديدات الميدانية، فبعد أن قام الكنيست خلال الشهر الماضي بتعديل قانون "الانفصال"، الذي انسحبت إسرائيل، في إطاره، من شمال الضفة الغربية وقطاع غزة، بحيث يسمح بعودة المستوطنين إلى شمال الضفة، بعد أن كان تواجدهم فيها ممنوعاً في إطار القانون، اقتحم المستوطنون المنطقة مباشرة، وبمساعدة ورعاية الجيش، وأعادوا للمرة الأولى بناء البؤرة الاستيطانية "حومش"، المقامة على أراضي قرية برقة الفلسطينية، وقاموا بنقل المباني التي كانت مقامة على أراضٍ فلسطينية خاصة إلى أراضٍ تسمى "أراضي دولة"، وذلك لمأسسة البؤرة قانونياً أمام المحكمة الإسرائيلية العليا التي تأمر، عادةً، بإخلاء المستوطنات المقامة على أراضٍ خاصة، لتعارُض ذلك مع "حق الملكية" الذي يضمنه القانون الدولي، وتحاول المحكمة العليا التماشي معه.

في المجال القانوني، يبدو أن هناك توجهاً للحكومة بتضييق هامش العمل السياسي والقانون لدى الفلسطينيين في أراضي الـ 48، وهم المواطنون في دولة إسرائيل ولهم مكانة قانونية. ويبدو أن هناك توجّهاً إلى منح وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير صلاحيات تشبه، إلى حد بعيد جداً، صلاحيات الحاكم العسكري في الضفة الغربية، ومن ضمنها صلاحية الأمر باعتقالات إدارية، وكذلك مصادرة جوازات سفر من الفلسطينيين في أراضي الـ 48، وهو أمر لم يكن موجوداً في إسرائيل إلا في إطار الحكم العسكري، بأوامر عسكرية فقط. هذا بالإضافة إلى مسار تجريم رفع العلم الفلسطيني، وتعزيز دور جهاز الأمن العام "الشاباك" في الرقابة على المناهج التعليمية والمدارس والمدرسين، وهو ما كان منتشراً بشكل علني وصارخ خلال الحكم العسكري، وتراجع بشكل معلن تدريجياً، على الرغم من أن "الشاباك" لم يتوقف يوماً عن التدخل في مضامين المدارس العربية داخل إسرائيل، إلا إن قوننة هذا التدخل وتعزيزه، علناً، فيه عودة واضحة ومباشرة إلى فترة الحكم العسكري. يضاف إلى ذلك مشروع "تهويد الجليل"، وهو مشروع إسرائيلي قديم نبشته الحكومة الحالية، ويستهدف الوجود الفلسطيني في الجليل لمصلحة تشجيع وتمييز الوجود اليهودي ودعمه علناً.

ولفهم هذا التقسيم بين الميداني والقانوني، يجب الأخذ بعين الاعتبار أن إسرائيل تستهدف من خلال هذه السياسات منطقتين فلسطينيتين، كلٌّ منهما لها ظروفها الخاصة وأدوات مختلفة من السيطرة. فالتطورات الميدانية في مجال الاستيطان تأتي عن طريق تحويل ضم الضفة الغربية إلى أمر واقع من دون إعلان، وهو ما يتلاءم مع الظروف في الضفة، حيث الحكم العسكري والتوسع الاستيطاني والتوجه نحو الحسم؛ أما التطورات القانونية فإنها تستهدف الفلسطينيين في أراضي الـ 48، وهم "مواطنون" يحملون الجنسية الإسرائيلية، وبالتالي يجري استهدافهم عبر الأداة القانونية والسياسية. وهو ما يوضح أنه في نهاية المطاف، على الرغم من الأدوات المختلفة للسيطرة على الفلسطينيين، فإن الهدف واضح وواحد: تعزيز الهيمنة اليهودية، واستهداف الوجود الفلسطيني ووجوده على الأرض، وفي الحيز العام.

الاستيطان والسيطرة على الأرض

- بعد 5 أعوام من الهجمات المتتالية، استطاع المستوطنون، وبالإرهاب، تهجير سكان قرية عين سامية، وعددهم نحو 200 فلسطيني. وبحسب شهادة خضر، أحد سكان القرية، التي قدمها لصحيفة "هآرتس"، فإن الأهالي تركوا بلدتهم خوفاً من هجمات المستوطنين المتتالية وترهيب الأطفال الصغار الذين طالبوا بالانتقال بسبب عدم قدرتهم على البقاء وخوفهم على أرواحهم. وأضاف أن المستوطنين كانوا يتوافدون، مؤخراً، ويقومون بإلقاء الحجارة على المنازل والخيام التي يسكنها الأهالي، في وقت كان الأطفال موجودين في المكان. وبحسب خضر، فإن الجيش نقلهم إلى هذا الموقع، بعد أن كانوا يسكنون فيه قبل ذلك على التلة التي أقيمت عليها مستوطنة "كوخاف هشاحار" التي يهاجم منها المستوطنون. وهو ما يشير إلى دفع التجمع من رأس التلة إلى أسفل، ثم مرة أُخرى، تهجيرهم مع عائلاتهم إلى مكان مجهول بواسطة الترهيب.

- قام المستوطنون، بمرافقة وحماية الجيش، وأيضاً بمصادقة وزير الدفاع ورئيس الحكومة، بنقل مبنى "المدرسة الدينية" في مستوطنة "حومش"، المخلاة في إطار خطة الانفصال، إلى قطعة أرض قريبة جداً معرّفة كـ"أراضي دولة"، واستبدال المبنى المتحرك بمبنى ثابت. تُعَد هذه الخطوة بمثابة إعلان بدء إقامة البؤرة الاستيطانية، وما يسمى "العودة" إلى مناطق شمال الضفة الغربية التي انسحبت منها إسرائيل في إطار خطة "الانفصال"، وبالتنسيق مع الولايات المتحدة. وجاءت هذه الخطوة، بعد أن قام الائتلاف الحكومي بتعديل قانون "الانفصال" الذي كان يمنع المستوطنين من الدخول إلى المنطقة، إذ تم استثناء شمال الضفة الغربية من القانون، وهو ما يسمح للمستوطنين بالعودة والاستيطان هناك. وكانت "المدرسة الدينية" أقيمت قبل ذلك على أراضٍ فلسطينية خاصة، لذلك، كانت مهددة بالإخلاء، ونقلها إلى "أراضي دولة" يجعلها أكثر ثباتاً أمام القانون الإسرائيلي، وهو ما يشير إلى نية الحكومة دعم العودة والاستيطان في المنطقة وإعادة بناء المستوطنات التي تم إخلاؤها.

وفي هذا السياق، من المهم الإشارة إلى أن نقل "المدرسة الدينية" من الأراضي الخاصة لا يحرر الأراضي، بل يزيد في الخطورة. إذ تغدو هذه الأراضي الخاصة جيوباً داخل المستوطنة التي من المتوقع إقامتها حول "المدرسة الدينية"، وتصادر أراضي واسعة، عبر التأمين والسياج والتوسع وعنف المستوطنين. 

يوم 24 أيار/ مايو، هاجم مستوطنون بلدة برقة شمال غربي نابلس، وذلك بعد أيام من قرار قائد المنطقة الوسطى السماح لهم بالتواجد في شمال الضفة، في إطار تعديل قانون "الانفصال". وأصيب في الهجوم عشرات الفلسطينيين، بينهم إصابة بالرصاص الحي، بحسب الهلال الأحمر الفلسطيني، هذا بالإضافة إلى حرق المركبات التابعة للفلسطينيين وإطلاق المفرقعات على المنازل. وأشارت مصادر إلى أن الهجوم جاء عقاباً للأهالي بسبب استقبالهم وفداً من الاتحاد الأوروبي، والشرح له عما يعانيه سكان المنطقة بسبب هجمات المستوطنين. كذلك جرفت آليات تابعة للمستوطنين أراضي جبل القبيبات في بلدة برقة، شمال غربي نابلس، والتي أُقيمت عليها مستوطنة "حومش" التي أُخليت، بناءً على قانون فك الارتباط في سنة 2005. يضاف إلى ذلك الاعتداء على شواهد قبور في إحدى مقابر بلدة برقة.

- أعلمت الحكومة الإسرائيلية الإدارة الأميركية بنيتها إعلان بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية، بحسب ما نشره الصحافي براك رافيد في موقع " "واللا""، وأكده 3 من المسؤولين الكبار في الإدارة الأميركية، وأيضاً الحكومة الإسرائيلية. 

يوم 30 أيار/مايو، هاجم المستوطنون قرية قرية جالود شمال الضفة الغربية. وخلال الهجوم، حاول المستوطنون حرق 7 منازل، إلا أنهم لم ينجحوا في حرق المنازل كلها، فحرقوا منزلاً واحداً، بعد أن حطموا نوافذ المنازل الأُخرى داخل البلدة. وجاء ذلك، بعد أن حاصروا القرية واعتدوا على سكانها لمدة ساعتين كاملتين، انسحبوا بعدها من دون أي محاسبة، تاركين القرية في حالة من الهلع بعد هجوم شرس.

في 7 حزيران/يونيو، سرق مستوطنو مستوطنة "بدوئيل" 14 رأساً من الأغنام تعود للفلسطيني عدنان شحادة الديك من بلدة كفر الديك غربي سلفيت.

- يوم 10 حزيران/ يونيو، اعتدى المستوطنون على المواطنين الفلسطينيين في الخليل (حي الحصين، وحارة جابر وشارع الشهداء) وفي يط، أطلق المستوطنون كلابهم صوب المواطنين ورشقوهم بالحجارة، وقاموا برش غاز الفلفل عليهم، كما اعتدى المستوطنون بالضرب على الشاب أحمد الشواهين في أثناء رعيه الأغنام في مسافر يطا. وقام مستوطنون من مستوطنة "كدوميم" المقامة على أراضي بلدة كفر قدوم، تجمعوا بالقرب من (جبل الكدان) شمالي البلدة، وبحماية جنود الاحتلال، بمحاولة اقتحام المنطقة.

- نصب المستوطنون خياماً على أراضي المواطنين في دير دقلة، جنوبي بلدة دير بلوط، غربي سلفيت، في أراضٍ تعود ملكيتها إلى مواطنين من بلدة اللبن الغربية، ونصبوا خياماً ورفعوا أعلام الاحتلال ولافتات كُتبت عليها شعارات عنصرية، تمهيداً للاستيلاء على الأراضي هناك. 

السياسيون والقرارات الحكومية

- قال وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين خلال جلسة الحكومة إن "العرب يشترون المنازل في البلدات اليهودية في الجليل، وهو ما يدفع اليهود إلى مغادرة هذه البلدات، لأنهم غير مستعدين للسكن مع العرب. علينا العمل لتضم المحكمة العليا قضاة يفهمون ذلك." وفي هذا التصريح، أولاً، إشارة إلى العنصرية المتفشية داخل المجتمع الإسرائيلي، وثانياً إشارة إلى نية الحكومة منح هذه العنصرية أبعاداً قانونية مؤسساتية، تضمن استمرارها ومنحها الغطاء اللازم. 

- أوعز وزير المالية والوزير في وزارة الأمن الإسرائيلية، بتسلئيل سموتريتش، إلى الوزارات المختلفة ببدء عملية التحضير لنقل نصف مليون مستوطن إلى الضفة الغربية، تُضاف إلى أعداد المستوطنين الموجودة. واعتبر سموتريتش أن هذا الهدف هو أحد "الأهداف الجوهرية" لدى الحكومة الحالية. وفي هذا الإطار، أوعز الوزير بالبدء بتوسيع البنى التحتية في الضفة الغربية لتكون قادرة على استيعاب المستوطنين الجدد. هذا بالإضافة إلى أن سموتريتش وجّه أوامره بفتح طرقات وتوسيع البنى في كافة المناطق التي يسكنها اليهود في الضفة الغربية، وضمنها المستوطنات التي تُعتبر، إسرائيلياً، "غير قانونية"، وتسمى بؤراً استيطانية، بغض النظر عن المكانة القانونية لهذه التجمعات.

القوانين ومشاريع القوانين

- صادقت الهيئة العامة في الكنيست، يوم 7 حزيران/يونيو، على توسيع صلاحيات ما يسمى، إسرائيلياً، بـ"لجان القبول". وكان قانون "لجان القبول" سُنّ في 22 آذار/مارس 2011، وهو يمنح البلدات الزراعية والجماهيرية إمكانية تشكيل "لجان قبول" تتألف من 5 أشخاص، وتقوم بقبول أو رفض المرشحين لشراء سكن أو قسائم أرض في البلدة، ولها صلاحيات مطلقة، ويكون بينهم مندوب عن الوكالة اليهودية، أو الكونغرس الصهيوني، وهي مؤسسات شبه حكومية تعلن أنها تعمل لخدمة اليهود حصراً. ويُعَد هذا القانون أحد أهم القوانين التي تسمح بإقصاء الفلسطينيين داخل إسرائيل. سابقاً، كان القانون يسري على البلدات التي لا يتعدى سكانها الـ 400 عائلة، وعددها 475 بلدة. ودعم أعضاء برلمان من المعارضة مقترح القانون.

يصادق القانون على توسيع القانون ليتضمن جميع البلدات التي يصل تعداد سكانها إلى 1000 عائلة، وأيضاً توسيعه ليسري على مناطق الضفة الغربية. وعلى الرغم من أن المستوطنات في الضفة الغربية محاطة أصلاً على شكل ثكنات عسكرية لا تسمح للفلسطيني حتى بدخولها، فإن سريان القانون في الضفة الغربية يُعتبر خطوة على طريق الضم الذي تسير فيه الحكومة الحالية، تطبيقاً، من دون الإعلان رسمياً. 

- صادق الكنيست بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون يستهدف رفع العلم الفلسطيني، ويمنع رفع ما يُعتبر، إسرائيلياً، أنه علم يمثل "جهة معادية"، ويسمح بالسجن الفعلي كعقوبة. وفي حال تمت المصادقة على القانون بالقراءات الثلاث، فسيكون من الممكن اعتقال كل مَن يرفع العلم الفلسطيني. وبحسب القانون، فإنه سيكون من الممكن اعتقال كل شخص يرفع علم دولة أو جهة غير صديقة لإسرائيل، أو لا تسمح برفع علم إسرائيل لديها، في تجمّع يزيد عدد المشاركين فيه عن 3 أشخاص، سيُعتبر تجمّعاً غير قانوني، ويمكن تفريق هذا التجمع بشكل قانوني. وعملياً، في حال أضيف هذا القانون إلى قانون آخر تقدمت به النائبة عن "قوة يهودية" سيون هار ميليخ، يقضي بإبعاد أي طالب جامعي عن مقاعد الدراسة لمدة 30 يوماً بسبب رفعه العلم الفلسطيني، وإبعاده كلياً في حال القيام بذلك مرة أُخرى، فإننا نشهد عملية ملاحقة واضحة للرموز الفلسطينية لمنع وجودها في الحيز العام كلياً.

- أقرّت الهيئة العامة للكنيست، بالقراءة التمهيدية، يوم الأربعاء الموافق 8 حزيران/يونيو، مشروعيْ قانون يمنحان الجنود المسرّحين من الجيش أفضلية في القبول للعمل في سلك خدمات الدولة. ويُعتبر القانون عنصرياً لأنه يهدف إلى إقصاء الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل، ذلك بأن قانون الخدمة العسكرية الإلزامي لا ينطبق عليهم، كما تتعارض الخدمة العسكرية في الجيش مع انتمائهم الفلسطيني. هذا بالإضافة إلى أن القانون يربط بين الخدمة العسكرية والحق في العمل، وهي شرط للحصول على حقوق من المفترض أن تكون طبيعية لأي مواطن، من دون شروط مسبقة وتقديم تنازلات سياسية وأخلاقية.

- قدّم رئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست تسفيكا فوغل، عن حزب "قوة يهودية"، مشروع قانون يسمح لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بتوقيع أوامر اعتقال إداري. وبحسب مشروع القانون، سيكون لبن غفير صلاحية توقيع أوامر اعتقالات إدارية، بعد توصية من مفتش عام الشرطة "أعتقد أن هناك احتمالاً يصل تقريباً إلى حد اليقين بأن سلامة الجمهور ستكون في خطر إذا لم يتم سجن الشخص." كما أن مشروع القانون يمنح بن غفير صلاحيات واسعة، كتقييد حرية السفر والحركة ومنع الشخص من التواجد في مناطق محددة وإرغامه على التواجد في مناطق أُخرى، من دون أن تتم إدانته بأي تهمة. وعملياً، يمنح مشروع القانون بن غفير سلطة مشابهة لسلطات وزير الدفاع في الضفة الغربية، ويمكن أن تُستعمل ضد الفلسطينيين المواطنين، إسرائيلياً، وخصوصاً أن الوزير معروف بعدائه للفلسطينيين والعرب. وعادةً، لا يتم إصدار أوامر اعتقال إداري بحق الفلسطينيين في أراضي الـ 48، إلا في حالات نادرة جداً، وبأمر من قائد الجبهة الداخلية، ويُعتبر مشروع القانون سابقة خطِرة تمنح الشرطة الإسرائيلية والوزير القائم عليها إمكانية خطف واعتقال فلسطينيين "مواطنين"، من دون أي محاكمة. 

- قدّم عضو الكنيست عن حزب "يوجد مستقبل" إلعيزر شتيرن مشروع قانون يفرض على البلدات الزراعية أن تستقبل فقط مَن أنهى الخدمة العسكرية أو الخدمة القومية، وذلك في إطار جهود الحكومة لما يسمى، إسرائيلياً، بـ"تهويد الجليل"، وهو مصطلح يصف الجهود لتعزيز الوجود اليهودي في الجليل على حساب الوجود الفلسطيني العربي. ومن المهم الإشارة إلى أن شتيرن هو إحدى الشخصيات البارزة في المعارضة الإسرائيلية التي يقودها اليوم حزب "يوجد مستقبل"، أكبر أحزاب المعارضة في الحكومة الحالية.

- يوم 31 أيار/مايو، صادق الكنيست بالقراءة التمهيدية على مشروعيْ قانون يعززان الرقابة الأمنية على المدارس والمعلمين في المجتمع العربي الفلسطيني في أراضي الـ 48. الهدف من القانونين تعميق تدخُّل جهاز الأمن الداخلي، "الشاباك"، في فحص المدرسين العرب وتسهيل عملية فصلهم في حال "التماهي مع تنظيمات إرهابية". مشروع القانون الأول الذي تقدم به عضو الكنيست عن حزب "الليكود" عميت هليفي يشترط منح تصاريح للمدارس بالتزامها بالمنهاج التعليمي الإسرائيلي. هذا بالإضافة إلى فحص أمني لكل مَن يتقدم للحصول على شهادة تدريس، وتشترط الحصول على الشهادة بعدم وجود "ملفات أمنية"؛ أما مشروع القانون الآخر فإنه ينص على تشكيل لجنة تكون مخولة فصل مدرسين، أو عاملين في السلك التعليمي، لهم علاقة بـ"تنظيمات إرهابية"، أو ينتمون إلى "تنظيمات إرهابية"، بحسب نص القانون. وهنا، يجب الإشارة إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تسير في اتجاه اعتبار الرموز الفلسطينية ورفعها، كالعلَم، "إرهاباً"، وهو ما يُعدّ استهدافاً للهوية السياسية للفلسطينيين في أراضي الـ 48، وحصر دراستهم للتاريخ كما تنظر إليه إسرائيل وتفهمه.

جرائم وانتهاكات

تتكرر الاقتحامات الإسرائيلية للقرى والمدن والمخيمات الفلسطينية بصورة يومية؛ ويلاحَظ خلال الأسابيع الأربعة الماضية تركيز الاقتحامات في محافظات نابلس وجنين وأريحا، مع التركيز على اقتحام مناطق محددة، مثل مخيم بلاطة والبلدة القديمة في نابلس، ومخيم جنين وبلدة يعبد في جنين، ومخيم عقبة جبر في أريحا. تتكرر الاقتحامات بهدف اغتيال مواطنين فلسطينيين، أو اعتقال مواطنين، أو هدم منازل ومنشآت فلسطينية، أو لمصادرة تسجيلات كاميرات مراقبة، وربما تأتي الاقتحامات لتطبيق جملة من الإجراءات والممارسات المذكورة في التقرير، فيأتي الاقتحام كسياسة إسرائيلية عقابية للمجتمع الفلسطيني والمواطنين الفلسطينيين، وكذلك كمحاولة دائمة لفرض السيادة الاستعمارية الإسرائيلية، وتطبيق سياسة "اليد الطولى للأمن الإسرائيلي"، القادرة على القمع والتنكيل والبطش بالشعب الفلسطيني ومؤسساته وبناه الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. 

- اقتحام السماء الدائم أو الهيمنة السيبرانية الاستعمارية؛ كشف جيش الاحتلال عن منظومة استخباراتية بدأ باستخدامها رسمياً في الضفة الغربية، بعد مرحلة تجريبية استمرت أكثر من عامين، في إمكان هذه المنظومة رصد عمليات رشق الحجارة والتهديدات القادمة من مناطق مرتفعة. أُطلق على هذه المنظومة الاستخباراتية اسم "منظومة رونين"، وهي تعتمد على سرب من الطائرات الصغيرة من دون طيار، تحلّق في سماء الضفة الغربية. وتعمل بطريقة ذكية؛ فبعد ثوانٍ من إدخال إحداثيات الهدف المطلوب تعقّبه، تقلع الطائرة وتتعقبه، وتبث فيديو للهدف الذي تراقبه إلى ثلاثة أجهزة لوحية تكون بحوزة القوات الميدانية. وأوضح أن تشغيل هذه المنظومة يهدف إلى تقديم استجابة عملياتية للتهديد القادم من المرتفعات وسطوح المباني المرتفعة، ونقل المعلومات عن المشتبه فيهم إلى القوات التي تنفّذ الاقتحامات. وأشار جيش الاحتلال إلى أن منظومة رونين دخلت الخدمة في أرجاء الضفة الغربية، بعد أن تخطت الفترة التجريبية التي خضعت لها في مدينة الخليل ومحيطها منذ سنة 2020، وهي تحمل اسم الجندي من وحدة "دوفدفان" -المستعربون- الذي قُتل في مخيم الأمعري قبل خمسة أعوام.

- أشارت جمعية الشباب العرب "بلدنا"، التي تنشط في مجال تعزيز الهوية الفلسطينية في أراضي الـ 48، إلى ملاحقات متتالية من جهاز الأمن الداخلي "الشاباك" للشباب الناشطين في الجمعية في منطقة النقب، وتحديداً مجموعة "بلدنا النقب" التابعة للجمعية. ووجّه المركز القانوني لحقوق الأقلية الفلسطينية في إسرائيل "عدالة" رسالة إلى المستشار القضائي بشأن هذه الانتهاكات. وفي هذا السياق، كان "الشاباك" عطّل تنفيذ فعاليات، عبر التهديد وسياسات التخويف والتوعد وملاحقة الشبان.

 في 8 حزيران/يونيو، سلمت قوات الاحتلال ذوي الأسير ماهر صلاح شلون إخطار هدم منزلهم الكائن في مخيم عقبة جبر، جنوبي مدينة أريحا، كما أخطرت بوقف العمل في 5 منشآت سكنية في منطقة البرج في الأغوار الشمالية، وبإجلاء عائلة المواطن عادل نصر حروب، المكونة من تسعة أفراد، من مساكنها في خربة إبزيق في الأغوار الشمالية، وأخطرت سلطات الاحتلال أيضاً بلدية الزاوية، غربي سلفيت، بالاستيلاء على 96 دونماً من أراضي البلدة الواقعة خلف جدار الفصل العنصري. وقمعت قوات الاحتلال وقفة مساندة مع عائلة صب لبن في البلدة القديمة في القدس، والتي كانت ضد قرار تهجير العائلة القسري. واستولت قوات الاحتلال على جرافة في أثناء عملها في استصلاح أراضٍ بالقرب من منطقة زيف، جنوبي الخليل. وشهدت الضفة الغربية والقدس حملة اعتقالات طالت 31 مواطناً، بينهم 16 مواطناً من بلدة بيتا قرب نابلس. 

- قررت النيابة العسكرية الإسرائيلية إغلاق ملف التحقيق مع جنود إسرائيليين ضالعين بجريمة التنكيل بالمسن الفلسطيني عمر أسعد البالغ من العمر 80 عاماً، الأمر الذي أدى إلى استشهاده بتاريخ 12 كانون الثاني/يناير 2022، من دون تقديم لائحة اتهام، والاكتفاء بخطوات "تأديبية". وكان الجنود من وحدة "نيتسح يهودا" احتجزوا أسعد وكبّلوه، واعتدوا عليه بالضرب، ثم تركوه ينزف حتى الموت في البرد القارس. 

اقتحمت قوات الاحتلال مدينة رام الله يوم 9 حزيران/ يونيو، وبالتحديد البلدة القديمة، من أجل تفجير منزل الأسير إسلام الفروخ، ووقعت 31 إصابة خلال الاقتحام الإسرائيلي، 20 إصابة منها بالرصاص الحي. واستهدف جنود الاحتلال الطواقم الصحافية، فأُصيب المصور الصحافي مؤمن سمرين بالرصاص في الرأس، والمصور الصحافي ربيع المنير بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط في البطن. وفجّرت قوات الاحتلال منزل عائلة الفروخ الذي يقع في مبنى سكني داخل حي "رام الله"، وهو أحد أكثر الأحياء كثافةً في مدينة رام الله، المبنى مكون من أربع طبقات، ويأوي والديه وإخوته الأربعة. 

- يوم 11 حزيران/يونيو، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي الموقع الأثري في قرية سبسطية، وأجرت عمليات مسح في الموقع. وهو ما يُعتبر استمراراً لاستهداف المنطقة الأثرية في سبسطية، حيث ينوي الاحتلال مصادرتها وإغلاقها وتحويلها إلى مجمع تجاري، سيكون مغلقاً أمام الفلسطينيين بحكم اعتداءات المستوطنين وسيطرتهم على المنطقة، وهو ما سيدفع الفلسطينيين خارجاً، وأشار التقرير السابق إلى أنها بداية استهداف للمنطقة الأثرية، لا تزال مستمرة، وتتعزز خلال الشهر الحالي. 

- استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة يعبد قرب جنين، وكثّفت حملتها العسكرية على البلدة بتاريخ 13 حزيران/يونيو، وشملت اعتقالات ومداهمات للمنازل، ونصبت حواجز عسكرية على مداخل البلدة، وشددت حصارها عليها، ومنعت حركة المواطنين فيها، واستولى جنود الاحتلال على مركبة، وصادروا تسجيلات كاميرات المراقبة. 

يوم 14 حزيران/ يونيو، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة نابلس من عدة محاور، وحاصرت منزل عائلة الأسير أسامة الطويل في منطقة رفيديا، ووقع عدد من الإصابات، ودهست قوات الاحتلال شاباً من المدينة. وفي اليوم نفسه، تسللت قوة إسرائيلية خاصة إلى مدينة جنين واختطفت شاباً من المخيم. وكذلك، تسللت قوة إسرائيلية خاصة إلى مخيم الدهيشة بتاريخ 13 حزيران/يونيو، واعتقلت شاباً من أمام مدخل المخيم.

- يوم 1 أيار/مايو، اقتحمت قوات الاحتلال قرية النبي صالح، شمال غربي رام الله، ونصبت كميناً لسيارة وأطلقت عليها النار، وهو ما أدى إلى إصابة طفل (عمره عامان) برصاصة في الرأس، وتعرّض الوالد لإصابة في الكتف، وكانا يقفان أمام منزلهما بالقرب من مكان الحادثة. وبعد أيام قليلة، توفي الطفل. ومن المهم الإشارة إلى أن النيابة العسكرية اكتفت بخطوات "تأديبية" بحق الجنود، من دون تقديم أي لائحة اتهام أو محاكمة لأيٍّ من الجنود الذين أعدموا الطفل، وأصابوا والده إصابة بالغة.

اقتحم 380 مستوطناً باحات المسجد الأقصى المبارك تحت حماية قوات الاحتلال، في ذكرى ما يسمى "عيد نزول التوراة". وانتشرت قوات الاحتلال في باحات المسجد، لتأمين اقتحامات المستوطنين الاستفزازية وجولاتهم، وذلك بعد دعوة ما يسمى "جماعات الهيكل" إلى تنفيذ اقتحامات جماعية للأقصى. وأدى المستوطنون طقوساً تلمودية، بالإضافة إلى رقصات وترانيم عند أبواب المسجد، وفي البلدة القديمة. ومنعت قوات الاحتلال من هم دون الخمسين عاماً من دخول الأقصى لأداء صلاتيْ العشاء والفجر، في خطوة استباقية لتأمين اقتحامات المستوطنين، فأدى الأهالي الصلاة عند أبواب الأقصى.

- اقتحمت مسيرة الأعلام الصهيونية، التي نظّمها المستوطنون، منطقة باب العامود في 18 أيار/مايو 2023، وشارك في هذه المسيرة الاستيطانية وزراء وأعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي، وعلى رأسهم وزير "الأمن القومي" إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزيرة المواصلات ميري ريغيف، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمنية في "الكنيست" يولي إدلشتاين، ووزير النقب والجليل يتسحاق فاسرلاوف، بالإضافة إلى نواب في الكنيست من أحزاب "الليكود" و"الصهيونية الدينية" و"قوة يهودية".

شهداء وجرحى

- يوم 22 أيار/ مايو اقتحمت قوات الاحتلال مخيم بلاطة، وأطلق الاحتلال النار؛ مما أدى إلى استشهاد 3 مواطنين هم: فتحي جهاد عبد السلام أبو رزق 30 عاماً، عبد الله يوسف محمد أبو حمدان 24 عاماً، ومحمد بلال محمد زيتون 32 عاماً. وجرح 6 آخرين.

- يوم 24 أيار/ مايو استشهد الطفل: عبد الله الدخيل 15 عاماً - سكان مدينة نابلس، متأثراً بجروح خطيرة أُصيب بها خلال عدوان قوات الاحتلال على نابلس.

- يوم 9 حزيران/ يونيو استشهد إسماعيل عياد 60 عاما، من سكان حي الزيتون بمدينة غزة، وكان قد أصيب بجراح خلال العدوان على قطاع غزة.

اعتقالات وقضايا الأسرى

- ضمن سلسلة الاعتقالات الإسرائيلية المتواصلة في فلسطين، اعتقلت قوات الاحتلال في الفترة 15 أيار/مايو- 15 حزيران/يونيو 412 مواطناً فلسطينياً من مناطق مختلفة من الضفة الغربية والقدس، ومن فئات عمرية واجتماعية مختلفة.

- بتاريخ 2 حزيران/يونيو، اعتقلت قوات الاحتلال أطفالاً ومتضامنين أجانب؛ وكانت اعتقلت 3 أطفال من بلدة يعبد، جنوب غربي جنين، ومتضامنين أجانب خلال قمعها فعالية سلمية تطالب بإعادة فتح وتأهيل طريق الكرمل في مسافر يطا، جنوبي الخليل.

- وفي قطاع غزة، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر الأربعاء 14 حزيران/يونيو خمسة صيادين فلسطينيين في عرض البحر، وتمت ملاحقتهم، وفتحت نيران أسلحتها الرشاشة في اتجاههم، وتخرّب قوات الاحتلال معدات الصيد، وتستولي على قوارب الصيادين، وتحرمهم من مواصلة عملهم. كما استولت على مراكب الصيادين المعتقلين من عرض البحر في محافظة شمال غزة.

مصادر العدد
وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية- وفا، متابعة الانتهاكات والاعتقالات اليومية.
مركز "عدالة" لحقوق الأقلية الفلسطينية في إسرائيل.
مركز "مدار"- الراصد القانوني.
مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
صحف ومجلات إسرائيلية.
صحف ومجلات فلسطينية.