عدد كانون الأول/ديسمبر 2024
العدد رقم 20
العدد عشرون
محررو العدد
رازي نابلسي
أحمد عز الدين أسعد
مجدي المالكي
رامي الريّس

ملخص تنفيذي

مع نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر، أصدرت مؤسسات أممية تقارير وصفت عام 2024 بأنه الأصعب على الفلسطينيين منذ عقود، وعلى مختلف الأصعدة. واستمر العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني طيلة العام، إلى جانب حرب الإبادة التي تواصلت دون انقطاع. ومن أبرز ما نُشر مع نهاية الشهر، إعلان الجهاز المركزي للإحصاء أن عدد سكان قطاع غزة انخفض بنسبة 6% نتيجة حرب الإبادة الإسرائيلية. كذلك، أشارت مؤسسة "الضمير" الفلسطينية، المعنية بشؤون الأسرى، إلى أن عام 2024 كان الأكثر دموية في تاريخ الحركة الأسيرة.

وعلى صعيد الاستيطان والسيطرة على الأرض، شهد عام 2024 تغييراً جذرياً أجرته الحكومة الإسرائيلية على وتيرة عقد المداولات بشأن الإعلان عن بناء وحدات استيطانية في الضفة الغربية؛ فبدلاً من المسار البيروقراطي الذي كانت فيه اليد العليا لوزارة الدفاع بصفتها الحاكم العسكري الفعلي، تم تغيير الوتيرة لإجراء مداولات شهرية لا تحتاج إلى أي مصادقة من المستوى العسكري، ووضعها تحت صلاحية وزير المالية والوزير في وزارة الأمن بتسلئيل سموتريتش، ما يزيد من وتيرة إعلان البناء الاستيطاني بشكل دراماتيكي، إلى درجة أنه وخلال الشهر الواحد يمكن المصادقة على خطط لبناء نحو 1800 وحدة استيطانية بالمعدل. وهو ما سيجعل من العام 2025 عام الذروة في البناء الاستيطاني إذا ما استمرت الوتيرة على ما هي عليه.

أمّا في مجال القوانين ومشاريع القوانين، فقدم نواب الائتلاف مجموعة من المشاريع وتمت المصادقة على قوانين أيضاً، وجميعها تندرج إمّا في إطار استهداف الفلسطينيين في أراضي 48 والقدس الشرقية الذين يخضعون مدنياً للقانون الإسرائيلي، وتجريم تعبيرهم وهويتهم السياسية، وإمّا في إطار استهداف السلطة الفلسطينية والتعاون أو التنسيق معها. وعلى صعيد الأسرى والمعتقلين، شهد الشهر الحالي استشهاد 6 فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية نتيجة التعذيب والتجويع والإهمال الطبي الذي يعاني منه الأسرى، وهي معاناة وثّقها المحامون والمؤسسات الحقوقية وتبدو بوضوح على الأسرى المحررين عند خروجهم من السجون. وفي هذا السياق، يواصل وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، التفاخر بسوء أوضاع الأسرى، معتبراً ذلك إنجازاً يُضاف إلى رصيده. ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر وحتى نهاية عام 2024، استشهد 54 أسيراً، من بينهم 43 خلال هذا العام وحده. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام تشمل فقط الأسرى الذين تُعرف هوياتهم، فيما تظل المعلومات عن آلاف أسرى قطاع غزة غامضة، إذ ترفض إسرائيل الإفصاح عن هوياتهم.

حرب الإبادة على قطاع غزة

مع نهاية عام 2024، أشار تقرير صدر عن الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء إلى أن عدد سكان قطاع غزة انخفض بنسبة 6% بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ 15 شهراً. وبحسب رئيسة الجهاز، فإن عدد سكان القطاع انخفض بنحو 160 ألف نسمة، منهم تقريباً 100 ألف نسمة غادروا قطاع غزة ولا يستطيعون العودة بسبب استمرار الإبادة والحصار. أمّا عدد شهداء حرب الإبادة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 حتى نهاية عام 2024، فبلغ 45,484 شهيداً في قطاع غزة، بالإضافة إلى أكثر من 100 ألف مصاب و11 ألفاً من المفقودين. وأبرز جرائم هذا الشهر، كانت إقدام قوات الاحتلال على حرق مستشفى كمال عدوان الذي كان آخر مرفق صحي رئيسي في الشمال، وذلك بعد ارتكاب مجزرة راح ضحيتها العشرات، بينهم أفراد من الكادر الطبي، واعتقال عدد من المرضى والكوادر الطبية، بينهم مدير المستشفى ذاته الدكتور حسام أبو صفية، وأعلن الجيش رسمياً اعتقاله بعد أيام من حرق المستشفى. وبحسب تقرير صادر عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين- "الأونروا"، فإن قوات الاحتلال وبعد حرق المستشفى وتدميره بالكامل، احتجزت المرضى والطاقم الطبي والنازحين من المستشفى داخل منشآتها، وتم تجريد الرجال من ملابسهم، بحسب التقرير ذاته، هُناك وفصلهم عن النساء.

وبحسب مصادر طبية في قطاع غزة، فإنه حتى نهاية عام 2024، تم تسجيل 4500 حالة بتر نتيجة الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة، و18% من عمليات البتر هذه أجريت لأطفال. وفي السياق ذاته، أشار تقرير سابق إلى أن غزة باتت موطناً لأكبر مجموعة من الأطفال مبتوري الأطراف في التاريخ الحديث. وهذا كله مع ضرورة الإشارة إلى أن قوات الاحتلال لا تزال ترفض الإفصاح عن العدد الكلي للمعتقلين من قطاع غزة، إذ تم خلال هذا الشهر الإعلان عن استشهاد 5 أسرى من قطاع غزة داخل السجون الإسرائيلية، ولا تزال تتوالى الشهادات عن التعذيب والتجويع والإهانة التي تُمارس داخل هذه السجون بحق الأسرى الفلسطينيين. وبحسب "الأونروا"، فإن قوات الاحتلال لا تزال تفرض حصاراً شديداً على شمال غزة في إطار حملة عسكرية أطلقتها منذ 3 تشرين الأول/ أكتوبر، وأن بعثاتها الإنسانية حاولت الوصول إلى شمال القطاع لتقديم المساعدات 164 مرة ما بين 6 حتى 30 كانون الأول/ ديسمبر، إلاّ إن إسرائيل رفضت 148 محاولة وعرقلت 16 محاولة أُخرى.

وخلال شهر كانون الأول/ ديسمبر، نشرت صحيفة "هآرتس" تقريراً يستند إلى شهادات جنود شاركوا في الحرب على القطاع، وتطرق في الأساس إلى ما يحصل في "محور نتساريم" الذي يبلغ عرضه 7 كيلومترات ويقسم القطاع إلى قسمين. وبحسب التقرير، فإن هُناك "منطقة موت"- خط وهمي يتغير موقعه وغير موجود على الأرض فعلياً، يُقتل كُل من يقترب منه، وضبابي إلى درجة أن أحد الضباط قال في شهادته إن "منطقة الموت هي المدى الذي تصل إليه عدسة القناص". وبالإضافة إلى هذا التقرير الذي يذكر الجهود التي بذلها قائد الفرقة 252، يهودا فاخ، لتهجير السكان إلى جنوب الوادي من الشمال، أشار تقرير آخر إلى أن فاخ ذاته أراد تنفيذ ما سُمي "خطة الجنرالات"، وأراد منع دخول المساعدات كلياً. وكلاهما يشيران إلى أن الاحتلال حوّل قطاع غزة إلى منطقة بدون قانون يُقتل فيها الفلسطيني ويُذل من دون أي رقابة إلى درجة أن أحد التقارير أطلق على ذلك اسم "الغرب المتوحش".

قوانين ومشاريع قوانين

شهد شهر كانون الأول/ ديسمبر العديد من مشاريع القوانين والقوانين التي لم تدخل حيز التنفيذ بعد، لكنها تُشير إلى الاتجاه العام، حيث تعمل إسرائيل على مأسسة السياسات التي تمارسها على الأرض لجعلها واقعاً قانونياً أيضاً يتماشى مع المسار العام، وتبدأ من مشروع قانون ضم وصولاً إلى قوانين اقتطاع أموال وهدم منازل. أمّا أبرز مشاريع القوانين والقوانين هذه فكانت:

وبحسب نص تفسير القانون، فإن الدافع وراء هذا القانون هو أن المؤسسات الفلسطينية تشتمل على مضامين ومحتوى "معادٍ للسامية وتلقين عقائدي يهدف إلى إنكار وجود إسرائيل والتحريض عليها"، هذا وفقاً للرواية الإسرائيلية وتفسيراتها للهوية الفلسطينية ورفض الاحتلال. وبذلك، يحارب القانون عملياً الرواية الفلسطينية المقدمة في الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية، ويمنع الفلسطينيون من أراضي 48 أو القدس الشرقية من أن يكونوا جزءاً من الرواية الفلسطينية أو حتى مطلعين عليها.

  • أقرت الهيئة العامة للكنيست، يوم الأربعاء 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، بأغلبية أصوات الائتلاف وكتل المعارضة الصهيونية، وبدعم الحكومة، مشروعي قانونين متشابهين، يهدفان الى فرض قيود على المشاركة في الانتخابات المحلية (المجالس البلدية والقروية)، كما هي قائمة في الانتخابات البرلمانية، إذ يحظر المشروعان ترشح شخص أو حزب للانتخابات إذا أعرب عن تأييده للكفاح المسلح ضد إسرائيل، أو أيّد منظمة تدرجها إسرائيل في قائمة الإرهاب وفق منظورها. ومن المهم الإشارة إلى أن هذا القانون يندرج في إطار التضييقات على حرية التعبير في أوساط الفلسطينيين داخل أراضي 48، حيث تخضع السلطات المحلية لصلاحية وزارة الداخلية الإسرائيلية.

  • خلال هذا الشهر، قدم عضو الكنيست شلومو دنينو من كتلة "الليكود" الحاكم، ومعه زميله دافيد بيطان، مشروع قانون يقضي بجعل القانون الذي يمنع لم شمل العائلات الفلسطينية، التي أحد الوالدين من الضفة الغربية أو قطاع غزة، قانوناً دائماً وليس قانوناً موقتاً كما هو الحال اليوم. ويُعد هذا القانون أحد أكثر القوانين تأثيراً على العائلات الفلسطينية، إذ يمنعهم عملياً من السكن سوياً كعائلة في أراضي 48، ويفرض عليهم السكن في مناطق محددة داخل الضفة الغربية أو مناطق حدودية خارج الجدار، لكنها تخضع لصلاحية بلدية القدس. ومن الجدير ذكره في هذا السياق، أن الذريعة التي كانت تُستعمل لتبرير هذا القانون هي "أمنية"، أمّا اليوم فتم استغلال "قانون القومية" سابقاً لتجديد القانون، ومع مشروع القانون هذا سيغدو هذا القانون دائماً.

الاستيطان والسيطرة على الأرض

خلال عام 2024، صادقت الحكومة الإسرائيلية على بناء 9884 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية. وعلى الرغم من أن العدد انخفض مقارنة بالعام 2023 حين أعلنت الحكومة عن بناء 12,349 وحدة استيطانية، فإن تغيير وتيرة المداولات بشأن المصادقة على خطط لمداولات أسبوعية- وهو ما قامت به الحكومة مؤخراً- يغير كلياً من منظومة المصادقة على البناء الاستيطاني. وبحسب مؤسسة "سلام الآن"، فإن استمرت الوتيرة الحالية، التي تغيرت مع دخول العام الجديد، سيشكل العام 2025 ذروة البناء الاستيطاني تاريخياً، إذ ستتم المُصادقة على نحو 1800 وحدة استيطانية بالمُعدل خلال الشهر الواحد، وخصوصاً أن المداولات لم تعُد تحتاج إلى مصادقة وزير الدفاع عليها أيضاً، وهو تغيير كبير قام به وزير المالية والوزير في وزارة الأمن بتسلئيل سموتريتش، ما سمح له بالسيطرة عملياً على البناء الاستيطاني. وللدلالة على حجم تأثير هذا التغيير، فإنه وخلال شهر أيلول/ سبتمبر وحده- أي مع بدء المداولات الأسبوعية- تمت المصادقة على 1164 وحدة استيطانية جديدة في الضفة.

  • خلال عام 2024، وثقت مؤسسة "سلام الآن" إقامة 7 بؤر استيطانية على الأقل في مناطق "ب)"، للمرة الأولى منذ توقيع "اتفاق أوسلو"؛ 5 من هذه البؤر تقع في منطقة بيت لحم، واثنتان في منطقة رام الله. واستناداً إلى اتفاق "أوسلو"، فإن المناطق "ب" التي تبلغ مساحتها 32.8% من مساحة الضفة الغربية يجب أن تخضع لسيطرة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية، وتشكل غلافاً للمناطق "أ" التي يسكنها الفلسطينيون، كما تشكل مراكز المدن، ولا تتعدى مساحتها الـ17.2% من مساحة الضفة الغربية. ويُعد هذا التقدم الاستيطاني نحو مناطق "ب"، تقدماً نحو محاصرة الفلسطينيين فقط داخل معازل مناطق "أ" غير المتواصلة فيما بينها ليقسم الضفة الغربية إلى محافظات يقسمها الاستيطان الذي يتركز عادة في مناطق "ج" التي تبلغ مساحتها 63% من الضفة الغربية، وهي الأكبر.

  • في 10 كانون الأول/ ديسمبر: صادرت سلطات الاحتلال جزءاً من أراضي الأهالي في قرية جورة الشمعة في بيت لحم، لصالح توسيع الشارع الالتفافي الممتد من مستعمرة "غوش عتصيون" وحتى حاجز مزموريا شرق مدينة بيت لحم.

  • في 12 كانون الأول/ ديسمبر: استولت سلطات الاحتلال على 54.79 دونماً من أراضي أهالي قريتي قطنة وبدو شمال غرب القدس، وتمت المصادرة تحت بند أراضي دولة، وذلك لتوسيع مستوطنة "هار أدار"، والأراضي التي تمت مصادرتها تقع خلف الجدار. ومُنع أصاحب الأراضي منذ 20 عاماً من الوصل إليها. ويوم 16 كانون الأول/ ديسمبر استولت سلطات الاحتلال على 47 دونماً من أراضي أهالي جنوب قلقيلية وقرية حبلة، وذلك بهدف توسيع شارع استيطاني يمنع الفلسطينيين من الوصول إليه.

جرائم وانتهاكات

اعتبر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة- "أوتشا" العام 2024 على أنه العام الأكثر قسوة على الفلسطينيين منذ بدء عمل المكتب في توثيق الأحداث، إذ "هُجّر حوالي 4250 فلسطينياً، ودُمر 1760 مبنى ووقع نحو 1400 حادثة مرتبطة بالمستوطنين الإسرائيليين في شتى أرجاء الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية". ومنذ السابع من أكتوبر ولا تزال المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في مدينة الخليل تشهد قيوداً على تنقل الأهالي. وخلال شهر كانون الأول/ ديسمبر نفذت قوات الاحتلال ما يقارب 1371 عملية اقتحام لقرى ومدن ومخيمات الضفة الغربية، توزعت على المحافظات على النحو التالي: "77 القدس، 254 رام الله، 126 جنين، 15 طوباس، 100 طولكرم، 118 قلقيلية، 301 نابلس، 86 سلفيت، 37 أريحا، 104 بيت لحم، 153 الخليل"، بالإضافة إلى ما يقارب 437 حاجزاً مفاجئاً في مناطق مختلفة من الضفة الغربية. وهدم الاحتلال 44 منزلاً في الضفة الغربية منها 28 منها في القدس. ومن أبرز الانتهاكات والجرائم خلال هذا الشهر:

  • في 3 كانون الأول/ ديسمبر: هدمت سلطات الاحتلال سبعة منازل وثلاثة مبانٍ زراعية في قرية النبي صموئيل بحجة البناء بدون ترخيص، ونتيجة ذلك هجرت أربع أسر تضم 20 فرداً، وألغت سلطات الاحتلال تصاريح الوصول التي كانت أصدرتها لأهالي عبر حاجز الجيب. ومن أُلغيت تصاريحهم هم من أصحاب المنازل المهدمة، ويحملون هويات الضفة الغربية، وأصبحوا داخل الجدار بعد بنائه. ومخطط سلطات الاحتلال أن تكون القرية جزءاً من حديقة وطنية إسرائيلية.

  • في 12 كانون الأول/ ديسمبر: اقتحمت قوات الاحتلال مخيم بلاطة في نابلس ما أدى إلى استشهاد شاب وإصابة آخرين. وفي اليوم ذاته، اقتحمت قوات الاحتلال قرية مادما وسط إطلاق نار وقنابل غاز سام ما أدى إلى إصابة العشرات، بالإضافة إلى إغلاق مداخل ومخارج القرية كافة. هذا بالإضافة إلى اقتحام بلدة أبو قش وسط الضفة الغربية. 

  • في 16 كانون الأول/ ديسمبر: هجرت سلطات الاحتلال 78 فلسطينياً في يوم واحد بفعل عمليات الهدم في الضفة الغربية وفي القدس وفي التجمعات البدوية في مناطق "ج".

  • في 19 كانون الأول/ ديسمبر: قصفت مسيرة إسرائيلية مركبة في مخيم طولكرم للاجئين، مما أدى إلى استشهاد أربعة فسلطيين، وإصابة ثلاثة أطفال بشظايا، وبعد الغارة تم اقتحام مدينة طولكرم والمخيم وتجريف البنية التحتية. ويوم 24 كانون الأول/ ديسمبر شنت قوات الاحتلال عملية في مخيم طولكرم، وامتدت العملية إلى مخيم نور شمس في محافظة طولكرم. واستمرت لمدة زادت عن 40 ساعة بين يومي 24 و25 كانون الأول/ ديسمبر، وشملت العملية غارات جوية بالطائرات المسيرة، وإطلاق نار، ودمرت الجرافات العسكرية جزءاً من البنية التحتية في المخيمين والمناطق المحيطة بهما. وتعرضت 12 أسرة فلسطينية لاجئة في مخيم طولكرم، تضم 61 فرداً، للتهجير الموقت بسبب العملية العسكرية الإسرائيلية في المخيم. أمّا في مخيم نور شمس فجرى تهجير 9 أسر تضم 33 فرداً بسبب تعرض منازلهم لأضرار كبيرة.

تصريحات عنصرية لافتة

شكل تصريح وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، مع اقتحامه للمسجد الأقصى يوم 26 كانون الأول/ ديسمبر، بأنه قام بالـ"صلاة لأجل سلامة الجنود وإعادة المخطوفين وتحقيق النصر المُطلق بالحرب"، أحد أبرز التصريحات خلال الشهر. فعلى الرغم من أن هذا الاقتحام ليس الأول وهو جزء من سلسلة اقتحامات يقوم بها الوزير للمسجد الأقصى، فإن التصريح بأداء الصلاة في المسجد هو تغيير حاد على الوضع القائم، إذ وعلى الرغم من الاقتحامات فإن صلاة اليهود تُمنع رسمياً على الأقل في المسجد الأقصى. لذلك، سارع ديوان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى التصريح بأن "الوضع القانوني القائم" في المسجد الأقصى لم يتغير.

وبالإضافة إلى تصريح بن غفير اللافت، شهد يوم 19 كانون الأول/ ديسمبر جولة تحت عنوان "رؤية وجه غزة"، بادرت إليها "شعبة تجديد الاستيطان في غزة"- وهي شعبة رسمية تعمل في الكنيست- يرأسها النائب عن حزب "الصهيونية الدينية"، تسفي سوكوت والنائبة عن حزب "عظمة يهودية" ليمور صون هار ميلخ. وخلال الجولة التي شارك فيها نواب في الكنيست ووزراء في الحكومة، قال سوكوت إن "الاستيطان اليهودي في غزة ضروري وواقعي طبعاً"، وحددت الشعبة خلال الجولة أحد أهم أهدافها وهو وضع الأساس القانوني الذي يسمح بالاستيطان اليهودي داخل قطاع غزة وتشجيع الهجرة الطوعية. أمّا الوزير إيتمار بن غفير، الذي شارك في الجولة، فقال إنه "يجب الاستيطان في جميع مناطق القطاع وتشجيع الهجرة الطوعية- هذه هي الخطوة المطلوبة- هذا هو الأمر المنطقي والأخلاقي".

اعتداءات المستوطنين

خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر نفذ المستوطنون نحو 136 اعتداءً في الضفة الغربية، وتوزعت تلك الاعتداءات على النحو التالي: رشق حجارة، ومهاجمة المنازل، والضرب، واقتحامات، وإطلاق نار، واقتلاع أشجار، وتخريب المزروعات. وكما هو الحال مع بقية الجرائم، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في فلسطين- "أوتشا"، بأن العام 2024 شهد أكبر عدد من أعمال العنف التي ارتكبها المستوطنون في الأراضي الفلسطينية منذ نحو 20 عاماً- وهو تاريخ بدء عمل المكتب في مجال التوثيق. وبحسب المكتب، فإنه وخلال العام جرى تنفيذ نحو 1400 اعتداء، وأن معدل تورط المستوطنين في اعتداءات على الفلسطينيين هو 4 اعتداءات في اليوم الواحد خلال عام 2024، الأمر الذي يدفع إلى تهجير الفلسطينيين وانتقالهم من أجل إنقاذ أنفسهم من هذه الهجمات. أمّا أبرز الاعتداءات خلال الشهر فكانت:

  • في 10 كانون الأول/ ديسمبر: دعس مستوطن إسرائيلي فتى فلسطينياً يبلغ من العمر 12 عاماً في قرية اللبن الشرقية جنوب نابلس، وتعرض الفتى لكسور، كما حاول المستوطن دعس ثلاث فتيات أُخريات لكنهن تفادين حالة الدعس.

  • في 21 كانون الأول/ ديسمبر: هاجم المستوطنون مشارف قرية برقة شرق رام الله، ودمروا وحدة سكنية وخيمة، وحاولوا الاستيلاء على خيمة للمواشي، واعتدوا على منزل وحطموا محتوياته. وفي اليوم ذاته، هاجم حوالي 17 مستوطناً سكان التجمع البدوي خربة سوسيا جنوب جبال الخليل، ما دفع سكان منزلين من الخربة إلى مغادرة منازلهم هرباً إلى تلة قريبة من أجل حماية أولادهم. وبعدها، شاهدوا من على التلة كيف يقوم المستوطنون بتكسير محتويات المنازل ورشقها بالحجارة وتحطيم نوافذها. 

  • في 28 كانون الأول/ ديسمبر: اقتحم مستوطنون يحملون السلاح أراضي الأهالي في المنطقة الشمالية الشرقية من قرية نعلين غربي رام الله، وأحرقوا مبنى زراعياً، وأتلفوا السياج، ودمروا 70 شتلة زيتون، كما اقتحموا مأوى الأسر البدوية التي تعيش في تلك المنطقة.

  • في 29 كانون الأول/ ديسمبر: اعتدى المستوطنون من بؤرة استيطانية مقامة غرب قرية سلواد في محافظة رام الله، على عدد من الفلاحين أثناء تواجدهم في حقولهم الزراعية، وأصيب أربعة فلسطينيين نتيجة الاعتداء الجسدي عليهم من قبل المستوطنين.

شهداء وجرحى

خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر استشهد ما يقارب 1169 شهيداً في فلسطين؛ استشهد في قطاع غزة أكثر من 1130 شهيداً، وفي الضفة الغربية 39 شهيداً. وقد ارتفع عدد الشهداء منذ بداية حرب الإبادة على فلسطين إلى أكثر من 45,553 شهيداً. وجرح خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر أكثر من 3129 جريحاً في قطاع غزة، وما يقارب 110 في الضفة الغربية، وارتفع عدد الجرحى خلال حرب الإبادة على فلسطين إلى أكثر من 108,379 جريحاً. وبحسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، فإن عدد شهداء فلسطين بين 7 تشرين الأول/ أكتوبر حتى نهاية عام 2024 تعدى الـ 45 ألف شهيد، 98% في قطاع غزة، أمّا عدد شهداء الضفة الغربية فبلغ 835 شهيداً، وأصيب 6450 شخصاً بجروح. وبحسب تقارير إعلامية، قتلت إسرائيل خلال عام 2024 في الضفة الغربية وحدها 512 فلسطينياً، بينهم 43 من الأسرى استشهدوا داخل السجون الإسرائيلية، في حين جُرح نحو 3900 فلسطيني.

  • في 1 كانون الأول/ ديسمبر: قصفت طائرة مسيّرة بدون طيار هدفين في قرية صير في جنين، ما أدى إلى استشهاد 4 فلسطينيين.

  • في 3 كانون الأول/ ديسمبر: قصفت طائرة إسرائيلية مسيّرة مركبة قرب مدخل بلدة عقابا في طوباس، ما أدى إلى استشهاد فلسطينيَّين وإصابة 2 آخرَين.

  • في 9 كانون الأول/ ديسمبر: قصفت طائرة مسيّرة فلسطينيَّين في منطقة الصافح شمال مدينة طوباس، ما أدى إلى استشهادهما، وقامت قوات الاحتلال باحتجاز جثمانيهما وهما: عدي رضوان مصطفى دراغمة (32 عاماً)، وخليل مجدي حكمت المصري (26 عاماً).

  • في 19 كانون الأول/ ديسمبر: قصفت طائرة مسيّرة مركبة تقل مجموعة من الشباب في مخيم طولكرم، ما أدى إلى استشهاد 4 منهم، وجرح 6 آخرين، والشهداء هم: طارق محمود محمد الدش (30 عاماً)، ودوسم سفيان أحمد العوفي (19 عاماً)، ومحمد نافز أحمد رحايمة (31 عاماً)، ومحمد عيسى العوفي (26 عاماً).

أسرى ومعتقلين

خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر اعتقلت قوات الاحتلال 728 فلسطينياً من الضفة الغربية، موزعين على المحافظات على النحو التالي: "32 القدس، 119 رام الله، 42 جنين، 24 طوباس، 67 طولكرم، 56 قلقيلية، 112 نابلس، 45 سلفيت، 37 أريحا، 46 بيت لحم، 148 الخليل". هذا بالإضافة إلى آلاف المعتقلين من قطاع غزة الذين ترفض سلطات الاحتلال الإفصاح عن عددهم أو أسمائهم وهوياتهم. وبلغت حصيلة حملات الاعتقال الإسرائيلية خلال عام 2024 أكثر من 8800، وبلغ عدد حالات الاعتقال منذ بدء حرب الإبادة نحو 14 ألف و300 حالة اعتقال في الضفة، بما فيها القدس.

مصادر العدد
وسائل إعلام عربية.
وسائل إعلام إسرائيلية.
وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية- وفا.
الموسوعة الفلسطينية.
الراصد القانوني- مركز "مدار" للدراسات الإسرائيلية.
نشرة "مختارات من الصحف العبرية".
مؤسسة "السلام الآن".
مؤسسة "بتسيلم".
الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء.
مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان.
هيئة شؤون المفاوضات الفلسطينية.