ملخص تنفيذي
بلغ عدد الشهداء في فلسطين خلال هذا الشهر 1913 شهيداً في الضفة الغربية وقطاع غزة، أمّا عدد الجرحى فتخطى الـ3000 جريح، بينهم أكثر من 200 جريح في الضفة الغربية، وذلك مع انطلاق حملة "الأسوار الحديدية" التي أطلقتها قوات الاحتلال في شمال الضفة الغربية، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من المخيمات، وإلى السيطرة على منازل المواطنين واحتجاز المئات منهم والتحقيق معهم ميدانياً. كما شهد هذا الشهر أيضاً دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في قطاع غزة في إطار "صفقة التبادل"، ما أدى إلى تحرير مئات الأسرى الفلسطينيين، والكشف عن عمليات تعذيب وتجويع داخل السجون الإسرائيلية، بالإضافة إلى المجاعة وانتشار الأمراض.
أمّا على صعيد القوانين، فاستمر خلال هذا الشهر نهج التشريعات التي تستهدف حرية التعبير والعمل السياسي في أراضي 48 والقدس، إلى جانب قانون جديد يتيح للمستوطنين تملّك الأراضي بشكل مباشر في الضفة الغربية، وهو ما يتماشى مع النهج المستمر أيضاً في زيادة وتيرة الاستيطان والضم ومصادرة الأراضي التي تصاعدت بشكل لافت جداً وسجلت أرقاماً قياسية خلال الأشهر الماضية.
وعلى صعيد اعتداءات المستوطنين، لا يزال يُسجَّل في الضفة الغربية أكثر من ألف اعتداء شهرياً، تشمل حرق الممتلكات والاعتداءات الجسدية والطرد والتضييق، بالإضافة إلى مئات الحواجز التي تنشرها قوات الاحتلال بشكل مفاجئ وثابت في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، والتي بلغ عددها أكثر من 400 حاجز، تجعل من حياة وتنقل الفلسطيني في الضفة الغربية رحلة معاناة شاقة، ناهيك باعتداء المستوطنين على الطرقات والحواجز التي تجعل أصلاً من الوصول إلى الطرق الرئيسية مهمة شاقة.
وفي مجال القرارات العنصرية والتصريحات، كشفت تقارير صحافية عن نهج جديد بدأت تتبعه "دائرة السكان والهجرة" في إسرائيل، وفي إطاره ترغم الفلسطينيين المتزوجين على جانبي الخط الأخضر، والذين يعانون أصلاً جراء قوانين منع لم الشمل، على تسجيل أطفالهم في السجل المدني التابع للسلطة الفلسطينية، ما يمنعهم لاحقاً من الحصول على إقامة دائمة أو جنسية ومكانة قانونية داخل إسرائيل، في الوقت الذي لا يؤثر كلياً على اليهود لأنهم يحصلون على أوراق الثبوتية استناداً إلى "قانون العودة" الحصري لهم، كما لا يؤثر على المواطن الذي تزوج من أجنبية ما لم تكن فلسطينية. وبحسب التقارير ذاتها، فإن هذا الإجراء الجديد يترك الآلاف من الأطفال من دون مكانة قانونية، ويتعارض مع القانون الإسرائيلي ذاته الذي يمنح الجنسية لكل من يملك أحد والديه جنسية إسرائيلية، كما يتعارض مع حقوق الطفل في الحياة بشكل قانوني مع والديه.
على الرغم من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ خلال هذا الشهر، وتحديداً في 19 كانون الثاني/ يناير، فإنه كان من الأشهر الصعبة في حرب الإبادة، وخصوصاً مع بدء البحث عن جثث المفقودين واتضاح حجم الدمار الناجم عن الحرب. وقد كانت الأسابيع الأولى منه قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ دموية، إذ استشهد في اليوم الأول من الشهر أكثر من 28 فلسطينياً، وأشار تقرير للـ"يونيسيف" إلى أن ما لا يقل عن 74 طفلاً استشهدوا خلال الأسبوع الأول من الشهر. ومع نهاية الشهر، أعلن مكتب الإعلام الحكومي في غزة أن عدد الشهداء قد تخطى الـ61 ألفاً، منهم 17,881 طفلاً و214 طفلاً حديث الولادة، وأن عدد الشهداء المسجلين الذي بلغ أكثر من 41 ألفاً، هم الشهداء الذين وصلوا إلى المستشفيات وتم تسجيلهم. وبحسب رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، سلامة معروف، فإن 76% من مجمل الشهداء فقط وصلوا إلى المستشفيات، و14% منهم ما زالوا تحت الأنقاض، ويقدّر عددهم بحوالي 14 ألفاً، وذلك بسبب رفض سلطات الاحتلال الإسرائيلية إدخال معدات ثقيلة لإزالة الردم وبدء عملية إعادة الإعمار.
شهد هذا الشهر أيضاً، ومع تقدم مراحل اتفاق وقف إطلاق النار، عودة أكثر من 300 ألف فلسطيني إلى شمال القطاع بعد أن كانوا نازحين في الجنوب، لكنهم يعودون إلى منطقة مدمرة بالكامل بسبب القصف الإسرائيلي. وبحسب مكتب تنسيق الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية- "أوتشا"، فإن 92% من المنازل في قطاع غزة- ما يعادل حوالي 436 ألفاً- تدمرت بشكل كلي أو تضررت، و90% من الفلسطينيين في قطاع غزة نزحوا خلال الحرب. وأشار تحقيق آخر نُشر بعد وقف إطلاق النار، ويستند إلى صور الأقمار الصناعية، إلى أن ما لا يقل عن 60% من منازل القطاع قد دُمّرت خلال الحرب.
هذا في الوقت الذي يعاني القطاع الصحي من تدمير كامل، ولا تتعدى القدرة الاستيعابية للمستشفيات الـ1800 سرير، ولا يعمل إلاّ نصف عدد المستشفيات التي كانت تعمل أصلاً في القطاع قبل الحرب، وهي 36 مستشفى، وتعمل بشكل جزئي فقط بسبب الدمار الذي لحق بها جراء القصف والحرب والعدوان. فبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية، جرى تدمير جميع مستشفيات قطاع غزة، جزئياً أو كلياً. واستناداً إلى الواقع الحالي للقطاع الصحي فإن 25% من المصابين الذين يبلغ عددهم أكثر من 110 آلاف مصاب، يواجهون خطراً حقيقياً على حياتهم. وفي 3 كانون الثاني/ يناير، حاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي المستشفى الأندونيسي في بيت لاهيا في شمال قطاع غزة، وطالبت الموجودين بداخله، ومعظمهم من النساء والأطفال الذين توجهوا إليه بحثاً عن مأوى بعد تدمير مستشفى كمال عدوان، بإخلائه فوراً. وبالإضافة إلى الحصار، قامت القوات الإسرائيلية بإطلاق النار في محيطه ودمرت محطات الكهرباء والأكسجين، ما هدد حياة المرضى بعد أن خرج المستشفى عن الخدمة. واستمر هذا الحصار حتى دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ وبدء انسحاب قوات الجيش من قطاع غزة.
أمّا على صعيد البنى التحتية، فأكدت سلطة المياه الفلسطينية ببيان رسمي أن نتائج عمليات المسح التي أجرتها بعد وقف إطلاق النار كشفت وجود دمار هائل في مناطق شمال القطاع، وأن 70% من مرافق المياه والصرف الصحي دُمرت بشكل كامل، منها 25 بئر مياه، ما أدى إلى انهيار كامل لمنظومة التزويد بالمياه في شمال قطاع غزة.
قوانين ومشاريع قوانين
استمر خلال شهر كانون الثاني/ يناير، النهج التشريعي الواضح الذي يهدف إلى التضييق على حرية التعبير في أوساط الفلسطينيين داخل أراضي 48 والقدس. فقد عمل الكنيست، وبموازاة حرب الإبادة في قطاع غزة، والعمليات العسكرية العدوانية في الضفة الغربية، على تشريع الكثير من القوانين التي تهدف إلى محاربة الهوية السياسية للفلسطينيين والتعبير عنها. وفي هذا الإطار، شهد هذا الشهر أيضاً تشريع قوانين تهدف إلى السيطرة على الرواية وتفرض أحكاماً مبالغاً بها على قضايا تعبير عن رأي سياسي.
-
أقرت الهيئة العامة للـ"كنيست"، بالقراءة النهاية، يوم 21 كانون الثاني/ يناير، قانوناً يقضي بفرض السجن الفعلي 5 أعوام على كل من يمتدح أو ينفي حصول مجزرة يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر في محيط قطاع غزة. وبحسب نص القانون فإن كل من يكتب أو يقول شفهياً ما من شأنه "نفي المجزرة" فسيُحكم بالسجن الفعلي لمدة 5 أعوام.
هذا القانون، يندرج في إطار قوانين التضييق على حرية التعبير أو النقاش السياسي في أراضي 48 والقدس. وفي شرحه، جاء أن الهدف من القانون هو مأسسة "الحقيقة التاريخية" وعدم السماح بإنكار ما حصل في "7 أكتوبر". وفي هذا السياق، من المهم الإشارة إلى مشروع قانون آخر يندرج في إطار التضييق على حرية التعبير، إذ قدم النائب عن حزب "الليكود" الحاكم، عميت هليفي، يوم 13 كانون الثاني/ يناير، مشروع تعديل قانون "الإساءة"، بحيث يتيح للمحكمة فرض غرامة تصل إلى نصف مليون شيكل، على كل شخص ينعت شخصاً إسرائيلياً أو جهة إسرائيلية بأنه مجرم/ة حرب، من دون حاجة إلى أن يثبت الشخص مقدم الدعوى أي دليل على أنه تعرض للضرر نتيجة هذا النعت. هذا بالإضافة إلى قانون آخر يندرج تحت الإطار ذاته يحظّر مشاركة أي شخص أو قائمة انتخابية في المجالس المحلية، في حال صدر عنهم أي تصريح واضح أو ضمني بدعم الكفاح المسلح لمن يُطلق عليهم "أعداء إسرائيل".
-
أقرت الهيئة العامة للـ"كنيست"، يوم 29 كانون الثاني/ يناير، بالقراءة التمهيدية، مشروع قانون يتيح للمستوطنين شراء أراض في الضفة الغربية، ويلغي عملياً حظر بيع الأراضي التي تخضع لمسمى "أراضي دولة". وبموجب الوضع الحالي، ليس في إمكان الإسرائيليين شراء أراض في الضفة الغربية إلاّ من خلال شركات مسجلة وعبر "الإدارة المدنية" التي من المفترض أن تصادق على هذه الصفقات بصفتها المسؤول عن الضفة كونها منطقة محتلة تخضع لحكم عسكري. ومن هذا المنطق، فإن القانون يندرج في إطار "قوانين الضم" التي تعمل تدريجياً على نقل الصلاحيات في الضفة الغربية من الجيش إلى المؤسسات المدنية في الدولة الإسرائيلية.
وفي هذا السياق، من المهم الإشارة إلى أن القانون جاء بدفع من مجموعة الضغط "أرض إسرائيل" التي تعمل في أروقة السياسة الإسرائيلية من أجل الدفع بمشاريع استيطانية لتحقيق رؤية أرض إسرائيل الكاملة. أمّا أهمية هذا القانون، وبالإضافة إلى أنه جزء من مشاريع الضم الإسرائيلية، فإنه يمنح المستوطنين إمكانية شراء الأراضي والتملك في الضفة على نطاق واسع جداً في المناطق كافة، وتحويلهم إلى ملاّك فعليين، من دون أي اعتبار إلى مكانة الضفة الغربية باعتبارها أرضاً محتلة.
الاستيطان والسيطرة على الأرض
منذ تغيير الحكومة الإسرائيلية وتيرة المداولات بشأن المصادقة على البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، مطلع كانون الأول/ ديسمبر 2024، إلى مداولات أسبوعية، ارتفعت وتيرة وحدة البناء الاستيطاني بشكل غير مسبوق. فقد صادقت سلطات الاحتلال خلال شهري كانون الأول/ ديسمبر 2024 وكانون الثاني/ يناير 2025 فقط، على بناء 3651 وحدة استيطانية، مقارنة بـ 9884 وحدة استيطانية خلال عام 2024 كاملاً. وبناء على هذه المعطيات، فمن المتوقع أن يشهد عام 2025 ارتفاعاً حاداً في وتيرة البناء الاستيطاني يتجاوز حتى الرقم الأعلى الذي سجله عام 2023 بواقع 12,349 وحدة استيطانية، وتشير تقارير إعلامية إلى أن هذا الارتفاع سيكون غير مسبوق تاريخياً. أمّا أبرز ما حصل في مجال الاستيطان خلال هذا الشهر فكان على النحو التالي:
-
في 12 كانون الثاني/ يناير: نشرت سلطات الاحتلال إخطاراً بنيّة توسيع منطقة نفوذ مستوطنة آدم (المعروفة باسم جيفاع بنيامين) بحوالي 1107 دونمات شرقي رام الله، وقد تم منح الجمهور ثلاثة أسابيع للاعتراض.
-
في 15 كانون الثاني/ يناير: أصدرت سلطات الاحتلال أمراً لـ 27 عائلة فلسطينية بإخلاء منازلها الواقعة في حي بطن الهوى بسلوان، في مدينة القدس المحتلة. ويبلغ عدد أفراد العائلات 131 فرداً، بينهم عدد كبير من الأطفال. وعلى الرغم من قبول المحكمة ادعاء العائلات بأنها اشترت منازلها بشكل قانوني في ستينيات القرن الماضي، فإنها أمرتها بإخلاء منازلها خلال 6 أشهر لأن الأرض بحسب المحكمة الإسرائيلية كانت تابعة لوقف يهودي قبل عام 1948.
-
في 16 كانون الثاني/ يناير: صادرت سلطات الاحتلال 280 دونماً من قرى جبع، وكفر عقب، ومخماس، وذلك من أجل شق طريق 45، وهو طريق التفافي جديد للمستوطنين جنوب رام الله.
-
في 22 كانون الثاني/ يناير: صادقت الحكومة الإسرائيلية على بناء 184 وحدة استيطانية في مستوطنة مجداليم.
-
في 29 كانون الثاني/ يناير: صادقت الحكومة الإسرائيلية على بناء 682 وحدة استيطانية في ثلاث مستوطنات هي: حلميش، وميتزاد، وبيدويل. وفي حالة مستوطنة حلميش، فإن الخطة القاضية ببناء 531 وحدة سكنية تعني مضاعفة عدد المستوطنين المقيمين بها.
تصريحات وقرارات عنصرية لافتة
مع بدء تنفيذ مراحل صفقة التبادل، وعودة الغزيين إلى شمال القطاع، كما خروج الغزيين لمشاهدة تحرير المخطوفين الإسرائيليين في إطار الصفقة، خرجت إلى العلن العديد من الأصوات الإسرائيلية التي تصفهم بصفات عنصرية، وبالتحديد في يوم 30 كانون الثاني/ يناير، حين جرى إطلاق الدفعة الثانية من المرحلة الأولى في صفقة التبادل، إذ علق وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على الصور التي خرجت من قطاع غزة قائلاً: "ممنوع التطبيع مع هذه الصور التي تخرج من قطاع غزة. هؤلاء حيوانات مفترسة متعطشة إلى الدماء، كارهة لليهود، وإن لم نقم بإبادتهم فسيستمرون في التهديد بإبادتنا." وأضاف: "نحن نريد الحياة والسلام، ولا نستطيع السماح لأنفسنا بأن نترك أولادنا في وضع يعيشون فيه إلى جانب وحوش كهذه تضعهم في خطر. لذلك، علينا العودة والقتال حتى إبادة ʾحماسʿ كلياً." وفي اليوم التالي، عاد وقال خلال جلسة الحزب: "رأينا جميعاً المخطوفات الثلاث في لحظة التحرير وسط مجموعة من الحيوانات البشرية، بعضهم ملثم وبعضهم بوجوه مكشوفة، ورأينا كراهية إسرائيل وحب القتل في عيونهم."
ولم يتوقف الأمر عند السياسيين، إذ عبّر كثيرون من الإعلاميين بالأوصاف ذاتها وبكلمات أكثر حدة، ومن أبرز هؤلاء الإعلاميين كان الصحافي في "القناة 12" داني كوشمارو الذي تمنى، تعليقاً على احتفالات الغزيين، بأن "يختنقوا بالبقلاوة التي يأكلونها". وقال الصحافي في القناة ذاتها، ألموغ بوكير: "إلى مَن نسوا مع مَن نتعامل، فإن صور التحرير اليوم تذكّر بذكرى مؤلمة: حيوانات بشرية." أمّا المحرر في صحيفة "هآرتس" والإعلامي حاييم ليفينسون، فقال إنهم: "عصارة القمامة".
-
خلال هذا الشهر نشرت صحيفة "هآرتس" تقريراً يشير إلى أن "سلطة السكان والهجرة" في إسرائيل غيرت من آلية تسجيل الأطفال المولودين لأبوين أحدهما أجنبي (ليس مواطناً إسرائيلياً)، إذ عليهم تسجيل الطفل في الدولة الأجنبية التي يحمل مواطنتها أحد الوالدين، كشرط للتسجيل في إسرائيل وإصدار بطاقة إقامة وجنسية. للوهلة الأولى يبدو هذا التغيير عادياً وبيروقراطياً، لكنه في غاية الأهمية بالنسبة إلى الفلسطينيين المتزوجين من فلسطينيين وأحدهم من سكان الضفة وغزة والآخر من أراضي 48 ويحمل المواطنة الإسرائيلية أو الإقامة الدائمة.
هذه التوجيهات التي أصدرتها الوزارة، لا تؤثر في اليهودي أو في المواطن الإسرائيلي الذي يتزوج من أجنبية، ذلك لأن الطفل اليهودي يحصل على المواطنة استناداً إلى "قانون العودة" الإسرائيلي أولاً، ولأنه لا يوجد أي تناقض بين تسجيل الطفل في أي دولة أجنبية وبين تسجيله في إسرائيل، بينما تأثيره الكبير محصور بالفلسطينيين الذين يتزوجون على جانبي الخط الأخضر، إذ بعد تسجيل الطفل في السجل المدني للسلطة الفلسطينية، لا يمكنه الحصول على إقامة أو جنسية أو أي حقوق داخل إسرائيل لأنه مسجل في السلطة الفلسطينية التي تخضع للحكم العسكري الإسرائيلي ولا تعتبرها إسرائيل دولة كأي دولة أُخرى. وفي هذه الحالة، يحصل الطفل على تصريح سكن من "الإدارة المدنية" التابعة للاحتلال كتصريح زيارة فقط لا غير. وبحسب التقرير، فإنه وبسبب هذه السياسة هناك عشرات آلاف الأطفال لوالدين فلسطينيَّين، أحدهما من أراضي 48 من دون أي أوراق ثبوتية لرفضهم تسجيله في السجل التابع للسلطة ورفض إسرائيل تسجيلهم في سجلها المدني.
عملياً، بعد قوانين لمّ الشمل التي تمنع لمّ شمل العائلات الفلسطينية على جانبي الخط الأخضر، باتت هذه السياسة الآن تمنع حصول أبناء هذه العائلات على مكانة قانونية وتهجيرهم إلى ما وراء الخط الأخضر في خرق واضح لحقوق الطفل وحقوق الإنسان.
-
في 30 كانون الثاني/ يناير: اضطرت وكالة الأمم المتحدة لتشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين إلى إخلاء موظفيها الدوليين من مدينة القدس بعد أن قامت السلطات الإسرائيلية بإلغاء تأشيراتهم، عملاً بالقانون الذي أقرته سابقاً، والذي يحظّر عمل الوكالة في الأراضي الفلسطينية ويمنع التعامل مع الوكالة بشكل مباشر أو غير مباشر. وعملياً، مع نهاية شهر كانون الثاني/ يناير، بدأ التطبيق الفعلي للقوانين الإسرائيلية الهادفة إلى إلغاء عمل الوكالة وحظرها، وهذا في الوقت الذي يعيش الشعب الفلسطيني إحدى أكثر المراحل التاريخية خطورة، حيث تشتد حاجته إلى المساعدات الإنسانية وجهود الوكالة.
جرائم وانتهاكات
دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر كانون الثاني/ يناير 2025، ما يقارب 94 من الممتلكات في الضفة الغربية، وبلغ عدد الحواجز العسكرية المفاجِئة 428، وتم تنفيذ 6 اعتداءات على قطاع التعليم، و3 اعتداءات على الطواقم الطبية، وجرى توثيق اعتقال 935 فلسطينياً، وهدم 59 منزلاً، كما نُفّذت 1728 عملية اقتحام في مناطق مختلفة من الضفة الغربية.
-
نفذ جيش الاحتلال خلال شهر كانون الثاني/ يناير 2025، 1786 اعتداء شملت القتل والاعتقال والضرب والتخريب وغيرها. وتركزت الاعتداءات على الأفراد، بصورة خاصة، في محافظات رام الله والخليل ونابلس. وبلغ عدد عمليات الاعتداء على الأراضي والثروات الطبيعية 107 اعتداءات تركزت في محافظات رام الله والخليل ونابلس وبيت لحم. أمّا بخصوص الاعتداء على الأشجار والمزروعات، فسُجّل 78 اعتداءً على أشجار الزيتون، شملت الاقتلاع والتسميم والتخريب وحرق ما يقارب 969 شجرة، وبالتحديد في محافظات رام الله والخليل وبيت لحم. وبلغ عدد الاعتداءات على الممتلكات 539 اعتداءً، شملت إقامة 10 بؤر استيطانية، وتجريف أراضٍ، وتخريب ممتلكات، وهدم، ومصادرة ممتلكات، واعتداء على الأماكن الدينية وغيرها.
-
يتعرض شمال الضفة الغربية، وخصوصاً مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس والفارعة وقرية طمون، لحملة عسكرية إسرائيلية منذ بداية الهدنة في قطاع غزة، أسفرت عن نزوح سكان مخيم جنين بالكامل تقريباً والبالغ عددهم 20,000 نسمة خلال الشهرين الماضيين، وقد تعرض نحو 150 إلى 180 منزلاً لأضرار فادحة. كما شهدت الضفة الغربية منذ مطلع عام 2025 تشديداً في القيود المفروضة على الوصول، ما تسبب بتأخيرات مطولة عند الحواجز. وقد نصبت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن 12 بوابة جديدة على الطرق عند مداخل البلدات والقرى في شتى أرجاء الضفة الغربية، ووضعت المزيد من الحواجز والسواتر الترابية على طرق الوصول الثانوية. ولا تزال الحملة مستمرة حتى مع نهاية الشهر، كما تتواجد قوات الاحتلال داخل المخيمات.
-
بدأت عملية "الأسوار الحديدية" على جنين في 21 كانون الثاني/ يناير، وشهدت إطلاق النار من الطائرات المروحية وشن الغارات الجوية، إلى جانب العمليات التي تنفذها القوات البرية. وقد جرى شنّ غارات جوية متعددة على مدينة جنين ومخيمها والمواقع القريبة منهما. وأكدت وزارة الصحة مقتل 12 فلسطينياً وإصابة 50 آخرين على الأقل. ووفقاً لوزارة الصحة، تحاصر القوات الإسرائيلية مستشفى جنين الحكومي، بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للطرق المحيطة به، وبات المرضى والطواقم الطبية والمرافقون محاصرين داخل المستشفى، ولا يستطيعون مغادرته. وجرى تدمير الطرق المؤدية إلى المستشفى الذي يُغلق الركام مدخله، الأمر الذي يحول دون إيصال المواد الغذائية والإمدادات الطبية والضروريات الملحّة إليه. ومن المهم الإشارة إلى أن قوات الاحتلال تحتجز الفلسطينيين لساعات طويلة خلال اقتحامها القرى والبلدات الفلسطينية؛ ففي بلدة عزون احتجزت هذه القوات 60 فلسطينياً لمدة خمس ساعات خلال اقتحام البلدة شرق قلقيلية، وحققت معهم ميدانياً بعد أن حولت منازل السكان إلى ثكنات عسكرية ومراكز تحقيق واعتقال.
-
في 8 كانون الثاني/ يناير: اقتحمت قوات الاحتلال مدرسة كيسان شرقي بيت لحم، واعتدت على عدد من المعلمين والطلبة.
جرائم المستوطنين
نفذ المستوطنون خلال شهر كانون الثاني/ يناير ما يقارب 375 اعتداءً في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، طالت الفلسطينيين ومزارعهم وحقولهم ومنازلهم وأماكن العبادة وغيرها. وتوزعت اعتداءات المستوطنين على محافظات الضفة الغربية وتركزت في محافظات رام الله، ونابلس، والخليل، وقلقيلية.
-
من أبرز اعتداءات المستوطنين كان الهجوم وحرق مركبات الأهالي في بلدة سلواد شرقي رام الله، ونجم عن هذا الهجوم إصابات في أوساط أهالي القرية، بالإضافة إلى حرق 8 مركبات. وأيضاً هجوم المستوطنين على قرية المغير شمال شرق رام الله حيث أحرقوا غرفاً زراعية تعود إلى مواطنين من قرية أبو فلاح وبلدة ترمسعيا. وأقام المستوطنون بؤراً استعمارية جديدة على أراضي قرية قريوت جنوب نابلس، وهاجموا قريتي جينصافوط والفندق شرقي قلقيلية، وأحرقوا أجزاءً من المنازل ومشتلاً ومنجرة ومركبات وجرافة، وأدى الهجوم إلى إصابة 21 شخصاً في قرية الفندق.
-
في 5 كانون الثاني/ يناير: قامت مجموعة من المستوطنين بإنشاء بؤرة استيطانية رعوية على أراضي الأهالي جنوب قرية قريوت.
-
في 17 كانون الثاني/ يناير: قام عدد من المستوطنين بتجريف عدد من الأراضي في خربة حمصة في الاغوار الشمالية.
الأسرى والمعتقلون
بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين من الضفة الغربية منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة وحتى تاريخ وقف إطلاق النار في 19 كانون الثاني/ يناير 2025، 14 ألفاً و500 حالة اعتقال. وهذا الرقم لا يشمل حالات الاعتقال من قطاع غزة والتي تقدر بالآلاف. في حين بلغ عدد حالات الاعتقال في صفوف النساء خلال الحرب نحو 455 حالة، و1115 حالة اعتقال بين صفوف الأطفال، بينهم 3376 معقلاً إدارياً، من دون تهمة أو لائحة اتهام أو محاكمة عادلة. وحتى نهاية شهر كانون الثاني/ يناير، بلغ عدد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين ومؤسسة "الضمير"، أكثر من 10 آلاف معتقل، علماً بأن هذا الرقم لا يشمل كل المعتقلين من قطاع غزة. وخلال شهر كانون الثاني/ يناير اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 580 فلسطينياً من الضفة الغربية، وكانت النسبة الأعلى في مدينة جنين التي تشهد عدواناً إسرائيلياً واسعاً منذ 20 كانون الثاني/ يناير 2024. وبلغ عدد حالات الاعتقال من النساء 17، ومن الأطفال دون سن الـ 18 عاماً نحو 60 طفلاً، بالإضافة إلى مئات حالات التحقيق الميداني التي تعرض لها المواطنون الفلسطينيون.
-
خلال كانون الثاني/ يناير أُعلن استشهاد أربعة معتقلين، علماً بأن اثنين منهما كانا قد استشهِدا قبل عدة أشهر، وهما من قطاع غزة. والشهداء هم: الشهيد الأسير محمد شريف العسلي من قطاع غزة، استشهِدَ في 17 أيار/ مايو 2024 وأُعلن استشهاده في 29 كانون الثاني/ يناير 2025، والشهيد الأسير إبراهيم عدنان عاشور من قطاع غزة، استشهِدَ في 23 حزيران/ يونيو 2024، والشهيد الأسير معتز محمود أبو زنيد من الخليل، استشهِدَ في 13 كانون الثاني/ يناير، والشهيد الأسير محمد ياسين جبر من بيت لحم، استشهِد في 18 كانون الثاني/ يناير.
-
خلال شهر كانون الثاني/ يناير، وفي إطار صفقة تبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، جرى الإفراج عن ثلاث دفعات شملت 400 أسير محرر، منهم 222 معتقلاً من قطاع غزة ممن جرى اعتقالهم بعد السابع من أكتوبر. وتؤكد المؤسسات الفلسطينية المعنية بشؤون الأسرى أن غالبية الأسرى الذين تحرروا ضمن الصفقة، وكذلك غالبية مَنْ أفرِجَ عنهم بعد حرب الإبادة، يعانون من مشكلات صحية استدعت نقل العديد منهم إلى المستشفيات، وذلك بسبب جرائم التعذيب والجرائم الطبية وسياسات التجويع والاعتداءات الجنسية التي كشفت عنها المؤسسات المختصة وشهادات وإفادات الأسرى المفرج عنهم.
-
بين المفرج عنهم، كانت خالدة جرار، السياسية الفلسطينية البالغة من العمر 61 عاماً، وهي نائبة في المجلس التشريعي. وفقاً لمؤسسة الضمير، كانت جرار محتجزة تحت ما يعرف بالاعتقال الإداري منذ كانون الأول/ ديسمبر 2023، وهي سياسة تسمح للسلطات الإسرائيلية باحتجاز الأفراد من دون توجيه تهم أو محاكمة. وفي ظل الاعتقال الإداري لا يُسمح للمعتقلين ولا لمحاميهم برؤية "الأدلة السرية" التي تدّعي السلطات الإسرائيلية أنها تشكل أساس اعتقالهم.
-
في 12 كانون الثاني/ يناير: كشف تقرير مروع صادر عن هيئة شرون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، شهادات جديدة عن انتهاكات واعتداءات يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون بشكل منهجي في العديد من السجون الإسرائيلية، منها سجون النقب ونفحة وعوفر، بالإضافة إلى معسكر سديه تيمان العسكري والمعروف كمركز رئيسي للتعذيب. كما كشف الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير مؤخراً في مقطع فيديو من سجن ركيفت – وهو منشأة تابعة لسجن نيتسان الرملة – عن إنشاء عدة معسكرات اعتقال جديدة بعد الحرب، بما في ذلك في عوفر ونفحة وعناتوت وسديه تيمان، مخصصة لاحتجاز الأسرى الفلسطينيين من قطاع غزة.
-
قال نادي الأسير الفلسطيني، في بيان له، إن الاحتلال مارس "إرهاباً ممنهجاً" بحق الأسرى المحررين في صفقة التبادل وعائلاتهم، وصلت إلى حد القتل والاعتقال، إلى جانب اقتحام منازلهم وتخريبها. وذكرت المؤسسة أن التهديدات تضمّنت إخطار الأهالي بعدم إظهار أي مظهر احتفالي بخروج أبنائهم الأسرى، أو رفع أي راية أو علم، مع التهديد بقصف أماكن تجمع المهنئين، وذلك عبر الاتصال بكل عائلات الأسرى المحررين. وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت بتاريخ 18 كانون الثاني/ يناير منازل العديد من الأسرى المحررين في مدينة القدس، بينها منزل عائلة الأسيرة زينة بربر والأسير عصام أبو ذياب. وقد تلقت العائلتان تهديدات بعدم إبداء أي مظاهر فرح، مثل نصب خيمة لاستقبال المهنئين، أو تزيين المنزل، وأنه في حال إبداء أي مظاهر احتفالية ستجري مداهمة الموقع وتخريب تلك المظاهر، بالإضافة إلى تنفيذ اعتداءات تطال جميع مَنْ هم في موقع الاستقبال.
-
في 26 كانون الثاني/ يناير: أفرجت إسرائيل عن 200 أسير فلسطيني، بينهم 120 كانوا يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد، وكان بينهم طفلان كلاهما يبلغ من العمر 15 عاماً. وفقاً لمؤسسة الضمير، كان هناك 320 طفلاً محتجزاً في السجون في الإسرائيلية قبل تبادل الأسرى الأسرى الأخير، وكان الأكبر سناً الأسير محمد الطوس الذي يبلغ من العمر 69 عاماً قضى منها 39 عاماً في السجن.
-
في 29 كانون الثاني/ يناير: اعتقلت قوات الاحتلال 12 فلسطينياً من حي كفر عقب لاحتفائهم بإطلاق سراح أسير فلسطيني، بحسب بيان شرطة الاحتلال. كما اقتحمت منزل عائلة الأسير المحرر أشرف منير زغير، من سكان بلدة كفر عقب شمالي القدس المحتلة، وقامت بتدمير محتوياته وشن حملة اعتقالات لأبناء العائلة وأصدقائه. ومع كل عملية تحرير للأسرى شنّت القوات الإسرائيلية مداهمات للعديد من منازل الأسرى المحررين، بالإضافة إلى حظرها أي مظاهر احتفالية بعودتهم. وفي 31 كانون الثاني/ يناير، انفضّت مراسم استقبال الأسيرين المحررين في صفقة التبادل زكريا الزبيدي، عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، وأبرز الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم، والأسير عمار مرضي، في مدينة البيرة، وذلك بعد تهديدات من الاحتلال الإسرائيلي باقتحام المكان إن استمر استقبال المهنئين.
الشهداء والجرحى
استشهد خلال شهر كانون الثاني/ يناير 2025، 60 فلسطينياً في الضفة الغربية، وجُرح 227 فلسطينياً في حوادث متفرقة ومتنوعة. أمّا في قطاع غزة فتم تسجيل أكثر من 1853 شهيداً خلال هذا الشهر، وبذلك ارتفع عدد الشهداء منذ بدء العدوان على قطاع غزة إلى أكثر من 47,487 شهيداً. وفي قطاع غزة تجاوز عدد الجرحى 3185، وبذلك ارتفع عدد الجرحى الى أكثر من 111,588 جريحاً. ومن الشهداء في الضفة الغربية هناك ارتفاع في عدد الشهداء في محافظة جنين. ومن المهم الإشارة إلى أن جزءاً من الشهداء والجرحى في الضفة الغربية استشهدوا بقصف من مسيرات وطائرة إسرائيلية من الجو، الى جانب وقوع الجرحى بفعل العمليات العسكرية التي شنها الاحتلال على المخيمات، وخصوصاً في شمال الضفة الغربية.
-
في 8 كانون الثاني/ يناير: قصفت طائرة مسيّرة مجموعة من الأهالي في بلدة طمون، ما أدى إلى استشهاد 3 فلسطينيين، بينهم طفلان.
-
في 22 كانون الثاني/ يناير: أطلقت قوات الاحتلال النار خلال اقتحام مدينة جنين ومخيمها، كما أطلقت قذائف الإنيرغا في اتجاه منزل محاصر، ما أدى إلى استشهاد شابين.
-
في 29 كانون الثاني/ يناير: قصفت طائرة مسيّرة ساحة منزل في بلدة طمون، ما أدى إلى استشهاد 10 فلسطينيين وإصابة آخرين بجروح خطرة.